الاستثمار العقاري في دبي: هل الأفضل أن تشتري أم تستأجر (بدلاً من الشراء)، هذا هو السؤال.

الاستثمار العقاري في دبي قد يكون رحلة وعرة ونستعرض فيما يلي ما تحتاج إلى معرفته إذا كنت ترغب في الاستقرار والإقامة في دبي، سواء من خلال شراء عقار أو استئجاره.

برغم أن كثيرين يرون في الاستثمار العقاري وسيلة تقليدية وموثوقة لتنمية ثرواتهم أو حتى منحهم فرصة الإقامة في البلد الذي يحبونه، إلا أن عدد كبير أيضاً بات متردداً في الآونة الأخيرة من الإسراف في هذا النوع من الاستثمار لأسباب مختلفة، ليس أقلها صعوبة التنبؤ بأوضاع هذا السوق المتغيرة على الدوام.

بكل تأكيد فإن اتخاذ قرار بشراء منزل أو استئجاره يمكن أن يمثل معضلة بالنسبة لكثيرين، ولهذا يتعين الإلمام بعدد كبير من المتغيرات التي ستساعدك في تحديد أفضلية أحد الخيارين عن الآخر.
وبرغم الضبابية التي تكتنف القرار الاستثماري في هذه المجال، إلا أن السوق العقاري في دبي لا يزال قوياً بفضل مجموعة من العوامل التي تجعل مناخ الاستثمار في الإمارة جاذباً على المدى الطويل. 

على سبيل المثال، نحن نتحدث عن مدينة كبيرة ونابضة بالحياة يسكنها أكثر من 3.1 مليون شخص من أكثر من 200 جنسية مختلفة، والذين برغم اختلافهم رأوا فيها وطنهم الثاني، وهو ما يجعل من دبي ملتقى لعدد هائل من الثقافات المتنوعة. 

خففت الدولة أيضاً خلال السنوات الأخيرة من القيود الصارمة التي كانت مفروضة في الماضي على إصدار تأشيرات الإقامة، وهو الأمر الذي سمح لعدد أكبر من الراغبين في العيش بالإمارة بتحقيق أحلامهم دون عناء. وربما التطور الأبرز في هذا الصدد هو السماح لبعض المغتربين بالحصول على تصريح بالإقامة لمدة 10 سنوات. أيضاً من العوامل الهامة التي تدعم جاذبية دبي هو أن الاستثمار العقاري بالإمارة يحقق عائد بنسبة 7 بالمائة سنوياً، وهو أعلى من متوسط العائد في الدول الأخرى ذات الجاليات الوافدة الكبيرة مثل سنغافورة (4 بالمائة) وهونج كونج (3 بالمائة).

ولكن، تظل هناك جاذبية العوامل الأساسية والاقتصادية والديموغرافية ليست كافية دائماً لإقناع المشتري أو المستأجر المحتمل بإنفاق تلك المبالغ الكبيرة التي يتطلبها الاستثمار العقاري كما أن هناك عدد من العوامل الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار.

على سبيل المثال، تُلزم القوانين الحالية أصحاب المنازل بسداد دفعة مقدمة لا تقل قيمتها عن 25% من قيمة العقار عند الشراء للمرة الأولى في الإمارات. وبطبيعة الحال، فإن دفع مبلغ لا يقل عن 600 ألف درهم مقابل شقة من ثلاثة غرف ليس بالأمر الهين بالنسبة لكثيرين ولهذا يجب أن تتأكد من دقة اختياراتك وانتقاء السوق المناسب بعناية قبل تخصيص أي استثمارات كبيرة. هذه التعقيدات تدفع كثيرين إلى تفضيل الإيجار بدلاً من تملك العقارات.

ولكن هذا لا يعني أن خيار الإيجار سيكون خالياً من المتاعب أو التحديات صحيح أنك لن تحتاج إلى دفع مقدمات باهظة، كما هو الحال عند الشراء، ولكن الشعور بأنك لا تعيش في منزلك قد يسبب بعض الإحباط، خصوصاً وأنك لا تمتلك رفاهية إجراء التعديلات الضرورية في المنزل ما لم يوافق صاحبه أو حتى يكون لديه النية من الأساس لتغيير الوضع القائم. أيضاً لا تنسى أن دفعات الإيجار الشهري تكون عادةً أكبر من أقساط الرهن العقاري، وهو الأمر الذي قد لا يحبذه كثير من المستأجرين.

باختصار، يمكن القول أن تحديد الخيارات المالية النموذجية عند شراء المنزل هي سلاح ذو حدين. وفيما يلي بعض الجوانب التي يجب على الجميع مراعاتها عند التفكير في الاستثمار العقاري بدبي.

الدفعات المقدمة لشراء عقارات في دبي

يجب أن يعلم كل من لديه نية لشراء عقارات في دبي أنه سيحتاج إلى دفع بعض المصروفات مقدماً ولا يقتصر ذلك على سداد دفعة مقدمة (عربون) عند شراء المنزل، بل هناك أيضاً مصاريف إدارية لا يمكن الفكاك منها. هذه النفقات الإضافية قد ترفع بشكل كبير من التكلفة الحقيقية لشراء المنزل، ولهذا يجب أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار الشراء. على سبيل المثال، سيحتاج المشتري إلى دفع عمولة للسمسار الذي يتولى تسهيل عملية الشراء، بالإضافة إلى رسوم معالجة طلبات الرهن العقاري. تتقاضى دائرة الأراضي في دبي هي الأخرى العديد من المصروفات الإدارية، ربما أهمها هو رسوم نقل الملكية والتي تصل إلى 4 بالمائة من قيمة العقار، بالإضافة إلى مصاريف إدارية أخرى بقيمة 580 درهم. ويجب الانتباه إلى أنه سيتعين عليك دفع هذه الرسوم خلال فترة زمنية قصيرة وإلا ستتضاعف قيمتها، كما قد تدفع غرامة إضافية تصل إلى 10,000 درهم.

قد يتفاجأ المستأجر هو الآخر بأنه مطالب بدفع بعض التكاليف مقدماً، على سبيل المثال، يفرض بعض ملاك العقارات في دبي على المستأجر دفع قيمة الإيجار السنوي بأكمله مقدماً وبرغم أن بعض الوافدين قد يفضل الإيجار على افتراض أن قيمته ستكون أقل من أقساط الرهن العقاري الشهرية، إلا أنه قد يتفاجأ بحاجته لتدبير مبلغ الإيجار مرة واحدة وليس على دفعات شهرية. وبالتالي يجب على المستأجر أن يكون جاهزاً لدفع النفقات التي سيطلبها مالك العقار مقدماً، لأن هذا أمر معتاد في دبي.

معلومات إضافية عن شراء وتأجير العقارات في دبي

سواء كنت تنوي شراء أو استئجار منزل في دبي فسوف يتعين عليك دفع رسوم صيانة سنوية. على سبيل المثال، فإن رسوم الصيانة لمنزل مكون من ثلاثة غرف في دبي تتراوح بين 70 إلى 100 ألف درهم سنوياً، وذلك بحسب تقديرات صحيفة ذا ناشيونال حيث لا يمكن الفكاك من هذه النفقات ولهذا يجب أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ القرار.

هناك أيضاً بعض النفقات الإضافية التي يضطر أصحاب المنازل في الإمارات لدفعها، خصوصاً من الوافدين، مثل سداد رسوم سنوية تتفاوت قيمتها بحسب مساحة المنزل.

ولا يستطيع المستأجر أيضاً تجنب دفع بعض من هذه الرسوم الدورية. على سبيل المثال، سيدفع المستأجر رسوم سنوية مقابل توثيق عقد الإيجار.

الإقامة لفترة محدودة مقابل الإقامة لفترة طويلة في دبي

يوصي موقع MyBayut بأن يحدد المرء خياراته قبل الإقدام على خطوة الشراء، وتحديداً إذا ما كان ينوي الإقامة في دبي لفترة طويلة. بالنسبة للمسافرين أو أولئك الذين يفضلون العمل في أماكن مختلفة، فإن الإقامة لفترة طويلة قد لا تكون هي الخيار الأمثل. أما هؤلاء الذين يخططون للإقامة بشكل دائم في دبي، فإن تملك منزل قد يكون هو القرار الأصوب.

وتنصح صحيفة غلف نيوز المغتربين الذين يخططون للعيش في الإمارات لفترة تزيد عن 15 عام بالاستفادة من مزايا شراء العقارات وتستند هذه النصيحة إلى حقيقة أن المغترب قد يضطر لدفع مبلغ يصل إلى 40% من دخله الشهري مقابل الإيجار، ولهذا فإن تملك المنزل طوال فترة إقامته الطويلة في الإمارات سيحقق وفرة كبيرة في تكلفة السكن على المدى الطويل.

 وبحسب الصحيفة، فإن فروق التكاليف بين نفقات الإيجار وأقساط شراء المنزل قد تصل إلى مبالغ كبيرة في المدى الطويل والفائدة الأكبر في خيار التملك هو أنه سيمنحك فرصة بيع هذا المنزل لاحقاً وتحقيق إيرادات كفيلة بتغطية كافة النفقات التي دفعتها وأيضاً تحقيق أرباح إضافية، فعلى سبيل المثال، قد يدفع المستأجر ما يصل إلى 2.16 مليون درهم كنفقات إيجارية لفترة 20 عام أما إذا قرر شراء منزل بنفس المساحة فإنه سيدفع 1.67 مليون درهم فقط خلال نفس الفترة. لاحظ أن هذه الحسابات لا تتضمن بعض الرسوم أو النفقات الإضافية التي قد يحتاج المستأجر أو صاحب المنزل إلى دفعها بجانب سعر الشراء أو الإيجار.

هل دبي موطنك؟

بطبيعة الحال يفضل كثير من الشباب استئجار منزل لفترة قصيرة، في حين يرى البعض الآخر أن الإقامة الدائمة في دبي تجعل من خيار التملك أكثر معقولية من الناحية المالية. ولا تقتصر الفائدة على تقليل النفقات الشهرية مقارنة بالإيجار المدفوع، بل هناك أيضاً فوائد اجتماعية واقتصادية مثل الشعور بالاستقرار والتحلي بفضائل المسئولية المجتمعية تجاه البيئة الجديدة التي تنوي الإقامة بها. إذا كنت تخطط لاستئجار أو شراء عقار في دبي تأكد من التفكير بعناية في كافة الخيارات المتاحة، ومن الأفضل استشارة أحد المتخصصين في هذا المجال لمناقشة أفضل الخيارات المتاحة بالنسبة لظروفك الشخصية.  



مقالات ذات صلة